إذا كان مصطلح "سلطة الأهل" هو مبدأ أساسي في مسألة التربية، فإن مصطلح "الأبوة السلطوية" هو مبدأ أساس لا يقل أهمية في مسألة نمط الحياة الصحي، إذن ما هي بالضبط "الأبوة السلطوية"؟
د. دوفنوف راز وهو طبيب رياضي متخصص في طب الأطفال في مركز الطب الرياضي "مديكس" في هدار يوسيف ومدير عيادة الرياضة والتغذية ونمط الحياة الصحي في مستشفى ادموند وليلي سفرا للصغار في تل هشومير، يسره أن يوضح هذا المصلح: من المهم أن يدرك كل والد حقيقة أن نوع الابوة الذي يختاره يؤثر على جودة حياة أبنائه سواء في الحاضر او في المستقبل. يمكن التمييز بين أربعة أنماط من الأبوة، والأصح من بينها فيما يتعلق بجودة الحياة الصحية، هو الأبوة "السلطوية". وهي الابوة التي تدمج الانضباط ووضع حدود واضحة – إلى جانب الإصغاء لاحتياجات ورغبات الصغير."
هل تعرفون الصغار الذين يفترشون ارض السوبرماركت ويصرخون حتى يحصلوا على ما يريدون؟
"هذا لن يحدث مع الأهل السلطويين"، يوضح الدكتور دوفنوف راز. الأب السلطوي سيقول لصغيره: عليك تناول الخضار مع وجبة العشاء، ولكن أنت تختار أي الخضروات ترغب بأكلها. أو: يمكنك تناول حلوى مرة واحدة في اليوم، وأنت تختار نوعها. أو: عليك بمساق واحد من النشاط الجسماني، وأنت تختار المساق. هذا النوع من الأهل يصنع توازناً بين طرفي المعادلة: الأبوة المدللة، والتي تخلو من القوانين وينجر فيها الأهل خلف رغبات الصغير فقط، وبين الأبوة الاستبدادية، والتي ليس فيها سوى القوانين والقيود، وليس هناك إصغاء أو اعتبار لرغبات الصغير.
هناك عدد كبير من الأبحاث التي تناولت العلاقة بين أنماط الابوة وزيادة الوزن لدى الصغار، وتبين أن "الصغار من أبناء الأهل السلطويين هم الأكثر صحة، ونمط حياتهم هو الأكثر صحية"، يوضح الدكتور دوفنوف راز: "ظهر تميز واضح لهؤلاء الصغار في جودة التغذية، وعادات النشاط الجسماني ونسبة السمنة".
ماذا نفعل إذا؟
الحل كما يؤمن الدكتور دوفنوف هو الوقاية.
"أظهرت بعض الأبحاث نتائج مفاجئة، وهي أن هناك علاقة بين وزن الجسم، والمضاعفات الطبية، والإصابة بالسمنة في المستقبل حتى عند الصغار والمراهقين الذي لا يعتبرون مفرطي الوزن الآن! الأمر الذي يشير بأنهم جميعاً، نحيفين أم سمينين، معرضون لهذا الخطر. نحن نؤمن اليوم، ان الطريق الصحيح لتقليص انتشار فرط السمنة في المستقبل هو تبني نمط حياة صحي منذ سن مبكرة قدر الإمكان. وبنمط الحياة الصحي نقصد الدمج بين التغذية السليمة والفعاليات الجسمانية المنتظمة."
النشاطات الجسمانية مهمة للصغار أيضاً
دوفنوف راز: "من المؤكد أن النشاط الجسماني في سن مبكرة يبني جسماً أكثر صحة، ويقلل من عوامل خطر الإصابة بالأمراض في المستقبل، ويزيد الكتلة العظمية، ويحسن الصحة النفسية، من المهم أيضاً إلى جانب أهمية الفعاليات الجسمانية، أن ندرك بأن زيادة الراحة وقلة النشاط تهدد الجسم. هناك عدد لا محدود من الأبحاث التي أكدت ذلك لدى تشكيلة واسعة من الأعمار والمجتمعات. أتمنى لو أن جميع المجالات الطبية كانت بهذا الوضوح. الوصفة الصحيحة لفعاليات جسمانية لدى الصغار والمراهقين هي جمع 60 دقيقة على الأقل من الفعاليات الجسمانية الايروبية، ودمجها مع نشاطات لتقوية العضلات والعظام – 3 مرات في الأسبوع. هناك طرق عديدة لجمع هذه الكمية، ومن المهم أن يختار كل صغير الفعاليات الجسمانية التي يفضلها والتي تناسبه. ولكن يجب أيضاً الحصول على مساعدة الاهل في هذه المسألة.
القول أسهل من الفعل. كيف نقوم بذلك؟
دوفنوف راز:" بالنسبة للمنحيين اللذين تحدثنا عنهما، التغذية والرياضة، فإن القدوة الشخصية من الاهل الى جانب وضع حدود واضحة للصغار هو مفتاح النجاح."
ومن حيث "ابدأ بنفسك قبل الآخرين"؟
فهذا مؤكد. الصغير الذي يرى أمه مستلقية على السرير مع شوكولاتة أو بوظة، سيقوم بنفس الأمر عاجلاً ام آجلاً. بنفس الطريقة، الصغير الذي يرى في البيت وعياً بأهمية النشاط الجسماني، فهو على الأغلب سيقلد تصرفات أهله. وفي اللحظة التي يتبنى فيها هذه العادات، سيقوم الصغير بذلك من تلقاء نفسه (وسيستمتع بذلك...) – وهناك احتمال كبير بأنه سيستمر بذلك في المستقبل أيضاً."
ماذا الذي يمكن أن يساعد أيضاً في تطبيق نمط حياة صحي في البيت؟
هناك الكثير من النصائح التي يمكنها ان تساعد في كل ذلك. مثلاً:
عدم الشراء – أنا لا أقول بأن لا يكون في البيت حلويات ومسليات، ولكن بقدر، وتحديد الكمية المسموحة. قطعة واحدة بعد الظهر مثلاً، يجب أن نعرض على الصغار قبل ذلك فاكهة أو كريم الحليب، وفقط بعد ذلك حلوى أو مسلي إذا ما زال يرغب بذلك. وحينها أيضاً ليس عليه أن يتناول كل الكيس، يمكن أن نضع له بعضاً منه في صحن.
منع الجوع – من المهم تحديد سلسلة من الوجبات المنظمة والمغذية، إلى جانب وجبات خفيفة صغيرة بين الوجبات. الفكرة هي عدم الوصول إلى ساعات ما بعد الظهر جائعين – ويمكن تحقيق ذلك عبر تناول بعض الفاكهة بحدود الساعة 16-17 ثم تناول وجبة عشاء خفيفة، وعدم تناول "وجبة غذاء" أخرى في المساء فقط لأن الأب عاد متأخراً من العمل ولم يتناول الغذاء. لا حاجة بأن يملأ الطفل معدته بكميات من الباستا أو الأرز الساعة الثامنة مساءً، فيصيبه الخمول قبل موعد النوم. من المفضل تناول وجبة عشاء خفيفة مع خضار، أجبان، وخبز من القمح الكامل.
من المهم أن نضع للصغير حدوداً بالنسبة لأنواع الأغذية المسموحة له، وكميتها ووقت تناولها، مع الإصغاء له ومنحه إمكانية الاختيار.
من المهم تشجيع الصغار على ما لا يقل عن 60 دقيقة من النشاطات الرياضية مدمجة بنشاطات لتقوية العضلات والعظام نحو 3 مرات في الأسبوع.
- تقليص ساعات الحاسوب والتلفزيون حتى ساعتين.
- خلق جو صحي في البيت – على جميع أفراد العائلة تناول أكل صحي أكثر وأن يمارسوا التمارين الرياضية، حتى من لا يعاني من السمنة سيستفيد من التغذية السليمة ومن الرياضة، جسدياً ونفسياً. كذلك، لن يشعر الطفل السمين بأنه مختلف عن بقية أفراد العائلة.
- في الحالات التي يصعب عليكم تحقيق الأمر بأنفسكم، ينصح بالتوجه للاستشارة المهنية، فهناك أدوات كثيرة يمكن ملاءمتها لكل صغير في العائلة، بحسب تفضيلاته الشخصية وحاجاته الخاصة.
كلمة أخيرة؟
مهمتنا الأساسية كأهل هي إعداد صغارنا لحياة مستقلة عالية الجودة قدر الإمكان. وتقع علينا كأهل مسؤولية القيام بذلك بالشكل الأفضل، وليس بالشكل الأسهل: من المعروف والواضح بأن الأهل الناجحين مهمتهم أصعب... وأكبر تحدياتهم هو تربية الصغير بأن يعتدل في كل شيء – حتى في مسألة التغذية والفعاليات الجسمانية."
إن اختيار نمط الأبوة السلطوي، الذي هو دافئ وداعم نفسياً من ناحية، ومن الناحية الأخرى يضع قواعد ويخلق تواصلاً واضحاً بين الأهل والصغار، قد أثبت فعاليته في كل ما يتعلق بتطبيق نمط حياة صحي لدى الصغار والمراهقين.
أبوة معززة للصحة
يقدم د. دوفنوف راز بعض النصائح حول أساسيات التغذية السليمة والصحية للصغار، اعتماداً توصيات العديد من المنظمات الصحية:
1. تناول 5 وجبات من الخضار والفواكه كل يوم.
2. تفضيل النشويات المعقدة والحبوب الكاملة.
3. تقليص تناول المشروبات المحلاة وحتى الامتناع المطلق عنها وشرب الماء فقط.
4. تغذية غنية بالكالسيوم.
5. تقليص استهلاك الحلويات والمعجنات، مع تحديد موعد وجبات ثابت على مدار اليوم.
6. تناول وجبة إفطار يومياً.
7. التقليل من تناول الطعام خارج البيت وخصوصاً المأكولات السريعة الغنية بالسعرات الحرارية.
8. التركيز على تناول وجبات عائلية صحية.