العلاقات بين الأشقاء – حرب عالميّة أم تحالف عالميّ؟

لا يتشاجر الأخوة "هباء" حتى عندما يبدو لنا أنه لا يوجد سبب للشجار، فهم يتشاجرون. سواء كان الأمر يتعلّق بموارد الوقت، الاهتمام أو الإحساس بقيمة أنفسهم في نظرهم، ونظركم وأمام أشقائهم.

يقضي الأطفال وقتا أطول مع أشقائهم مقارنة بأي شخص أخر بما في ذلك الوالدين، المعلمين، الأصدقاء أو حتى مع أنفسهم. يقضي الأطفال حتى جيل 11 عاما حوالي ثلث وقت فراغهم مع أشقائهم. تُظهر الدراسات أنه حتى في مرحلة المراهقة يقضي المراهقون الكثير من الوقت مع أشقائهم، على الرغم من حقيقة أنه في هذه المرحلة تكون لديهم حياة خارج المنزل.

عندما يتشاجر الأشقاء على غرض أو ماذا يشاهدون في التلفاز فكأنّهم يخبرونكم بلغتهم: "مرحبا ماما أو بابا – أنا أشعر بالضيق وصعب عليّ أن أخسر، صعب عليّ أن أشعر أنني قادر بصورة أقل، صعب عليّ أن أخي يرغب دائما أن يكون هو من يقرّر، صعب عليّ أنني أردت أن أنجح لكن هو الذي نجح وأنا ما زلت أفشل في التواصل عندما أشعر بالضيق، لذلك فأنا أتشاجر". لا يرغب الأطفال الذين يتشاجرون أن نقف منهم موقف القاضي الذي يقضي بينهم، لكنهم يطلبون التشجيع والمساعدة وأن نعلّمهم كيفيّة التواصل وأن يكونوا جسرا لبعضهم البعض.

لنكن صادقين للحظة، قد نجد أنفسنا أيضا في شجار عندما نشعر بانخفاض قيمتنا. نحن لا نتشاجر حقا حول غسل الأواني أو إنزال القمامة، نحن نتشاجر كي نُلوّح للطرف الثاني بشأن شعورنا – عندما يتجاهلوننا ويهملون مشاعرنا، وعندما لا نلقى المعاملة والاهتمام بنا وبشعورنا. عندما يربت أحدهم على كتفنا ويظهر لنا أنه "يرانا"، سيتوقف الشعور لدينا بانخفاض قيمتنا وسنستطيع مرة أخرى النظر إلى الطرف الآخر بأعيننا والتحدث والتعاون معه.

هكذا الأشقاء، تماما مثلنا. تشير تصرفات أطفالنا إلى ما هم بحاجة إليه وستعلّمكم الكلمات التالية ما الذي يمكنكم القيام به من أجل بناء جسر وعلاقات جيدة بين أطفالكم. 

من المعروف أنّ محبة الأشقاء هي أعمق محبة لدى الإنسان في حياته. من جانب آخر لدينا أيضا قصّة قابيل وهابيل...ممم... إذن ما هو الأكثر طبيعي؟ يشتكي الكثير من الأهل: "يتشاجر أطفالنا طوال اليوم، حتى يكاد أحدهم يقتل الآخر" ثم يواسون أنفسهم قائلين "هذا طبيعي – جميع الأطفال هكذا"... المشاجرات هي جزء من العلاقة، لكن أن يتشاجروا "ويقتل" أحدهم الآخر كل يوم فهذا أمر غير طبيعي ووضع لا يجب عليكم تقبّله. السؤال المطروح هو ما الذي يجب فعله؟ 

إنّهم لا يتشاجرون على اللّعبة، بل على مكانهم في الأسرة 

المشاجرات على أشياء تافهة مثل: من سيشرب في الكوب الزرقاء، من سيضع النظارات ويقفز إلى البركة أولا وحتى ماذا سنشاهد في التلفاز. كل هذه الأشياء مخصّصة لتمثيل خاصيّة كل طفل، قوّته ومدى سيطرته، وكلها معا مهمة لتطوّره. 

من المسؤول عن المشاجرات؟ نحن الوالدين...

"إذا غاب الجمهور – الغي العرض". في حالات كثيرة، عندما يغيب الوالدان، تقلّ الشجارات بين الأطفال وحتى عندما يتشاجرون فسيحلّون المسائل بينهم بأنفسهم. إذا أردتم بالرغم من ذلك أن تكونوا قريبا من الأطفال حاولوا اتباع أسلوب متوازن ولا "تنفعلوا" زيادة. تذكّروا أن الخلافات بين الأطفال تخصّهم ولا تخصّكم (في معظم الحالات). 

المشاجرات بينهم هي تقليد للمشاجرات بينكم

إذا أردتم أن يتعلّم أطفالكم التواصل الجيّد حتى في المشاجرات، ابذلوا جهدا لتكونوا قدوة ونموذجا شخصيّا. نموذج الزوجين الأبوين والأسريّين هو أفضل أساس يتعلّم من خلاله الأطفال كيفيّة التصرّف. هكذا سيحلّون الصراعات والخلافات، يقرّبوا من بعضهم البعض ويبنون علاقة متبادلة وعميقة على مر السنين. 

الدليل العمليّ:

حتى ولو فهمتم أنّه ليس من المفضّل دائما التدخّل، كيف تعرفون ما هي الحدود وما هي الكلمات التي يجب اختيارها أذا قرّرنا الدخول في الصورة؟ أجيبوا على الأسئلة ولاحظوا إجابات الآباء الآخرين.

إذن ماذا تعلّمنا؟

• خذوا نفسا: ليس من المفضّل التدخّل على الفور، فكّروا متى أنتم بحاجة لذلك بالفعل
• لا تعطوا علامة: تجنّبوا وضع كل طفل في قالب وحاولوا إلقاء الضوء على الجوانب الأخرى لديه
• ابحثوا عن الأشياء تحت السطح: الشجار هي طريقة يستخدمها الأطفال ليقول لك شيئا بصورة غير مباشرة
• كونوا قدوة لهم: المشاجرات بين الأطفال غالبا ما تكون تقليدا لمشاجراتنا نحن الكبار
• دعوهم يعبرون عن أنفسهم: علّموهم التحدّث عما يشعرون به، سوف يؤدي هذا إلى خفض مستوى المشاجرات
• ضعوا خطا أحمرا: بمجرّد تحوّل الشجار إلى عنف فهذا هو الوقت كي تتدخّلوا
• ركّزوا على الأمور الإيجابيّة: عززوا ردّة الفعل على السلوك الحسن بدلا من الغضب بسبب الشجار.
• صعب في التدريب سهل في الحياة: المشاجرات هي حقل تدريب للتفاعلات في الحياة كبالغين. 
المشاجرات لها دور. التحدي الذي نقف أمامه نحن كوالدين هو التدخّل دون إبداء موقف متعاطف تجاه طرف واحد، تجنّبوا الانشغال زيادة عن اللّزوم في الجدال وعلّموهم كيف يتشاجرون بطريقة صحيحة. فكروا عندما كنتم صغارا، وحاولوا أن تتذكروا شجارا تدخّل فيه والديك، هل أدى هذا إلى حلّ الخلاف؟ ماذا تعلّمتم من التدخّل؟ الهدف هو تسخير الغيرة والمشاجرات كفرصة لتعليم طريقة التواصل الناجعة، التي سيستخدمها الأشقاء في علاقتهم وفي علاقاتهم المستقبليّة خارج الأسرة عندما يكبرون. 
عدي هرپاز مدربة وموجّهة آباء واستشاريّة عائلة متخصصة